بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ..
لقد اطلعت على رد رئيس مجلس النواب على مذكرة طلب عقد جلسة لحجب الثقة عن الحكومة، والتي تقدمت بها كتلة الإصلاح النيابية مع عدد من الزملاء النواب، حيث وقع المذكرة 29 نائبا، وسلمت للأمانة العامة للمجلس يوم 5/1/2020م، وعلى أثر المطالبات المستمرة لرئيس مجلس النواب بعرض المذكرة على جدول أعمال المجلس، وكان آخرها توجيه رسالة خطية موقعة باسم رئيس كتلة الإصلاح النيابية لعرض المذكرة على جلسة الثلاثاء 25/2/2020م، جاء رد رئيس المجلس الذي أثار استغرابي ولا شك أنه سيثير استغراب كل من له إلمام بسيط بأحكام الدستور الأردني، فكيف يصدر عن رئيس مجلس نواب ترأس المجلس لسنوات طويلة مثل هذا التصريح، حيث يقول ( أن طلب حجب الثقة من كتلة هو حق لها لكن القرار يعود بالتأكيد للمجلس إن كانت مذكرة حجب الثقة تصلح للنقاش أم لا ) ، لقد أطلعت الرئيس على نص المادة 53 البند 1 من الدستور الأردني والتي تنص على ( تعقد جلسة الثقة بالوزارة او باي وزير منها اما بناء على طلب رئيس الوزراء واما بناء على طلب موقع من عدد لا يقل عن عشرة اعضاء من مجلس النواب )، وأطلعته على البند الثاني من المادة ذاتها الذي ينص على ( يؤجل الإقتراع على الثقة لمرة واحدة لا تتجاوز مدتها عشرة أيام إذا طلب الوزير المختص أو هيئة الوزارة ولا يحل المجلس خلال هذه المدة ).
وبناء عليه فإنه ليس للمجلس بأكمله دور في مناقشة مدى صلاحية مذكرة حجب الثقة عن الحكومة الموقعة من عشرة من أعضاء مجلس النواب أم لا ، ولا لرئيس المجلس الخيار في أن يُخضع إرادة عشرة نواب – ولا أقول كتلة – طلبوا حجب الثقة عن الحكومة للنقاش ، ألزم الدستور بعقد جلسة حجب الثقة بناء على طلبهم.
وعليه فيجب عرض طلب حجب الثقة على جدول أعمال المجلس ، وألا يحبسها رئيس المجلس خلافا لأحكام الدستور لشهرين تقريبا، فلا يؤجِّل طلب حجب الثقة وفقا لمنطوق البند الثاني من المادة 53 من الدستور الأردني إلا طلبُ الحكومة الإمهال لعشرة أيام ولمرة واحدة، ولا يجوز حل مجلس النواب خلالها.
فإذا أصر الرئيس اعتباطا على خرق الدستور، وتجاوزه بالرغم من النص الواضح الصريح في المادة 53 من الدستور الأردني، وغلًّب رأيه على الدستور، فليس له هذا لا من قريب ولا من بعيد.
ونحن هنا لا نفرض رأينا كأقلية كما يزعم، بل إن نص المادة 53 من الدستور هو الذي يفرض عقد الجلسة، وأما قوله بأن النتيجة من طلب حجب الثقة الذي نصر عليه هو أن تأخذ الحكومة الثقة وتكسب الكتلة التأييد الشعبي ويخسر المجلس، فإن هذا منطق غريب، إن كان هناك من منطق أصلا ، فإن أخذ الحكومة للثقة لا يكون إلا بقرار الأغلبية التي يقول الرئيس أنها ستخسر بأخذ الحكومة الثقة، وتخسر هي، فلماذا يخسر المجلس بمنح الحكومة الثقة ويخرج المجلس ذاته بالخسران كما يقول رئيس المجلس وفقا لتوقعاته أو وفقا لرأيه.
يستطيع المجلس أن يخرج بأبهى صورة، وأصلب موقف له، يحقق فيه مصلحة الوطن والشعب، بحجب الثقة عن الحكومة، وهذا هو الأصل، وهذا هو الواجب، فيكسب المجلس، ويكسب الوطن والشعب، وتخسر الحكومة التي استوفت كل أسباب الحجب عنها، وآخرها إصرارها على المضي بصفقة الغاز مع العدو الصهيوني، ضاربة إرادة مجلس النواب وقراراته عرض الحائط، وإرادة الشعب الأردني بأسره في هذا الأمر.
إن رسالة مجلس النواب تفرض عليه أداء واجبه الدستوري حتى لو لم يتبقى من عمره إلا شهران، تماما كما يؤديها في بداية دورته العادية الأولى، فالواجب الدستوري والوطني هو الواجب ذاته بداية ونهاية.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل
رئيس كتلة الإصلاح النيابية
د. عبدالله العكايلة