الوثيقة السياسية للحركة الإسلامية في الأردن:
المقدمة
على مدى أكثر من سبعة عقود مضت منذ نشأتها، قدّمت الحركة الإسلامية في الأردن تجربة ثرية في ساحة العمل الوطني، وكان لها إسهاماتها المهمّة في مجالات العمل الفكري والسياسي والثقافي والمجتمعي والتنموي والتربوي والدعوي، وشاركت مع المجموع الوطني في عملية بناء الدولة وحفظ كيانها السياسي، واستطاعت خلال تلك الفترة تحقيق إنجازات مهمة على صعيد تطلعاتها وأهدافها التي هي من تطلعات الوطن وأشواق الأمة وآمالها، حيث لم تكن أهدافها يوماً فئوية أو ذاتية.
وكجزء أصيل من نسيج الوطن والأمة، عاشت الحركة الإسلامية هموم وطنها وأمتها، وواجهت تحديات كل مرحلة بما تتطلبه معطياتها واستحقاقاتها. أصابت الحركة في كثير من الأحيان، وأخطأت في أحيان أخرى، شأن كل اجتهاد بشري لا يتصف بالكمال والعصمة، لكنها سعت على الدوام إلى تعزيز عناصر القوة والمنعة الوطنية، وعملت على تطوير الأداء، واستدراك الأخطاء، واستخلاص الدروس والعبر من الإخفاقات والنجاحات على حدّ سواء، وحرصت على الاستفادة من تجارب الآخرين، فالحكمة كانت ضالتها، والمصلحة الوطنية كانت رائدها.
وتنطلق الحركة الإسلامية في مواقفها وتوجهاتها من رسالة الإسلام العظيم، ومن أدبياتها المستمدّة من الفكر الإسلامي، ومن إرثها ورصيدها الثري وما أنتجه مؤسسوها وروادها في مجال العطاء والفكر والممارسة السياسية والاجتماعية والثقافية والتنموية والتربوية والدعوية، وبخاصة فكر الأستاذ حسن البنّا (رحمه الله)، كما تستلهم من منجزات الحضارة العربية والإسلامية والتجربة الإنسانية، كمصادر إثراء لأداء الحركة وللأداء الوطني في المجالات المختلفة.” وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ” يونس 25
أولاً: الدوافع والمبررات
تسعى هذه الوثيقة لتقديم صورة حقيقية عن الفكر السياسي للحركة الإسلامية, وسياساتها وتوجهاتها الراهنة ومنطلقاتها وأهدافها, ووسائلها ومواقفها تجاه القضايا الأساسية وتجاه العلاقة مع الآخر بمستوياته المتعددة.
ومن أهم الدوافع والمبررات التي استدعت إصدار الوثيقة في هذه المرحلة:
أن الحركة الإسلامية تؤمن بأن الإسلام جاء لتحقيق مصالح الناس وعمارة الأرض، وبأن الفكر السياسي النابع منه، رغم ثبات أصوله وأطره العامة، فإنه يتسم بالتطوّر والتغيّر وفق ظروف كل مرحلة ودواعي التجديد والتطوير والتكيّف الإيجابي مع متطلباتها على صعيد السياسات والتوجهات وآليات العمل المرتكزة على المبادئ والثوابت والمنطلقات.
أن الأردن والمنطقة مرّا خلال السنوات الماضية بأحداث جسام ومتغيرات وتحوّلات مهمة، تفاعلت معها الحركة الإسلامية فأثّرت وتأثّرت. وباتت الحاجة ملحّة للتعبير عن فكر الحركة ورؤاها وتوجهاتها ومواقفها إزاء تلك التحوّلات والمتغيرات، ولتوضيح سياساتها في بناء علاقاتها على المستويات المختلفة، وبما يعبّر عن رصيد خبراتها في مختلف مجالات العمل الوطني والعربي والإسلامي والإنساني.
تنامي بعض الأفكار المتشددة وممارسات العنف في المنطقة، وسعي بعض الأطراف المغرضة لخلط الأوراق وتشويه المواقف وإلصاق التهم الباطلة بالتوجهات الإسلامية المعتدلة، الأمر الذي يزيد من أهمية عرض توجهات الحركة وإبراز نهج الوسطية والاعتدال في فكرها وسياساتها وممارستها، وإبراز دورها المهم في مواجهة نزعات التطرف والتشدد وحماية المجتمع من شرورها وأخطارها.
الرغبة بتجنّب أي ضبابية في الرؤية، أو تضارب في الأفكار والأفهام، إزاء القضايا الأساسية والاتجاهات الرئيسة. حيث تسعى هذه الوثيقة لبلورة رؤية موحدة وفهم مشترك داخل الحركة الإسلامية، وتبنّي سياسات وتوجهات تحول دون حصول تباينات إزاء مسائل مهمة، مع الاحتفاظ بمساحات واسعة لحرية الاجتهاد وتلاقح الآراء والأفكار، بما ينضّج المواقف ويعزّز الأداء.
ثانياً: المنطلقات
أهم المنطلقات للوثيقة السياسية للحركة الاسلامية:
الحركة الإسلامية في الأردن حركة وطنية الانتماء ، عربية العمق والانتماء، إسلامية الهوية والمرجعية، وسطية النهج، تسعى للإسهام في نهضة الوطن، وتحقيق الإصلاح الشامل، وإنجاز المشروع الحضاري النهضوي للأمة.
الإسلام دين الدولة، وهو باعتداله ووسطيته وانفتاحه محفّز للطاقات، وموحّد للأمة، ومعبّر عن فكرها وهويتها الحضارية.
الأردن دولة مستقلة، ذات سيادة، تنتمي لعمقها العربي والإسلامي، وتتفاعل بإيجابية مع فضائها الإنساني.
الشعب الأردني جزء من أمته العربية والإسلامية، والهويّة الوطنية الأردنية بمرجعيتها الثقافية والحضارية العربية الاسلامية ,هويّة جامعة وحاكمة، تتقدم على كل الهويّات الفرعية، والمصالح العليا للوطن تعلو على كل المصالح الذاتية والفئوية.
وحدة الشعب الأردني والأرض الأردنية مصونة من كل أشكال التجزئة والتفرقة على أسس دينية أو عرقية أو طائفية أو مجتمعية أو جهويّة.
الشعب الأردني مصدر السلطات، وقيم العدل والحرية والمساواة في الحقوق والواجبات أساس للحكم الرشيد، والشورى والديمقراطية سبيل الاختيار والتعبير عن الإرادة الشعبية.
ثالثاً: المصالح الوطنية العليا في رؤية الحركة
تتسم المصالح الوطنية العليا للدولة بالثبات والاستقرار لفترة طويلة، بخلاف السياسات والأولويات المرحلية التي هي متغيرة متطوّرة بحسب الظروف والمعطيات.
ومصالح الأردن الوطنية العليا المستقرة في نظر الحركة الإسلامية هي:
هويّة وطنيّة جامعة، ومجتمع قويّ متماسك، وجبهة وطنية موحّدة في مواجهة الأخطار والتهديدات الداخلية والخارجية.
انتماء أردني قوي للعمق العربي والإسلامي، وحضور فاعل فيه وفي المحيط الدولي، ومنظومة علاقات وشراكات إقليمية ودولية فاعلة ومتوازنة ومتنوّعة.
دولة حديثة متطورة، من خلال تشريعات عصرية وممارسات حضارية متقدمة.
اقتصاد قوي، وتنمية مستدامة، واستثمار أمثل للموارد البشرية والطبيعية، لتحقيق الأمن الاقتصادي ومجتمع الكفاية والرفاه والحياة الكريمة.
استقرار سياسي وأمني، وحماية للأردن من الخطر الصهيوني، وإسناد لجهاد الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل التحرر وإنهاء الاحتلال.
رابعاً: الأهداف السياسية العامة للحركة
تسعى الحركة الإسلامية في الأردن، بالتعاون مع المجموع الوطني، إلى تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية التي تسهم في خدمة الوطن ونهوضه وتقدمه، ومن أبرزها:
نشر الفكرة الإسلامية، وتعميق الوعي الفكري والسياسي، وصولاً إلى استئناف الحياة الإسلامية.
تعزيز روح الانفتاح والتعاون، وترسيخ ثقافة الحوار لحل الخلافات، ومواجهة ثقافة الكراهية والتعصب.
الإسهام في بناء الإنسان بناءً متكاملاً، مستنداً إلى مبادئ الأمة وعقيدتها وثقافتها وقيمها.
الإسهام في صيانة استقلال الوطن، وتحقيق مصالحه العليا، وتعزيز استقراره ومنعته وأمنه الوطني الشامل، ليكون قويّاً آمناً وموحّداً ومتكاتفاً في مواجهة كل ما يتهدده من تحديات وأخطار داخلية وخارجية.
إشاعة روح الاعتدال في المجتمع، ونشر الفهم الوسطي، ومواجهة التشدد والتطرف والغلو الفكري والسياسي والمجتمعي.
الإسهام في تحقيق الحكم الرشيد ودولة المواطنة والعدل والحرية والمساواة وتكافؤ الفرص، وصولاً إلى أردن حديث ومتطوّر، متقدم سياسياً، مدني وتعددي ، بمرجعية إسلامية، تتحقق فيه دولة القانون والمؤسسات ، وتحترم حقوق الإنسان، ويكون الشعب فيه مصدر السلطات.
تعزيز الوحدة الوطنية والمجتمعية، وبناء الشراكات الوطنية، ومواجهة كل أشكال التقسيم والتفتيت.
توسيع مشاركة المواطنين في الحياة السياسية وفي اختيار ممثليهم وفرز قياداتهم المجتمعية.
الدفاع عن حرية الرأي والتعبير لكل المواطنين، بمعزل عن آرائهم واجتهاداتهم الفكرية والسياسية والثقافية، وصيانة الحريات العامة بما لا يمس هوية الأمة ومعتقداتها.
الإسهام في نهوض الاقتصاد الوطني، وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، والتصدي لكل أشكال الفساد السياسي والاقتصادي والإداري والاجتماعي.
الإسهام في تحقيق الإصلاح الاجتماعي، والمشاركة الفاعلة في مواجهة التحديات المجتمعية، والمحافظة على القيم الإيجابية والعادات الأصيلة للمجتمع الأردني، والحفاظ على الأسرة كحاضنة اجتماعية أساسية.
تعزيز حضور الأردن عربياً وإسلامياً ودولياً، ودعم سياسة تنويع خياراته السياسية وانفتاحه على علاقات إيجابية متوازنة إقليمياً ودولياً.
تعزيز الدور الطليعي لشباب الوطن وتوجيه طاقاتهم لخدمته.
تعزيز دور المرأة في مختلف مجالات العمل الوطني.
دعم صمود الشعب الفلسطيني ونضاله العادل من أجل التحرر والاستقلال وإنهاء الاحتلال، وإسناد حقه في مقاومة الاحتلال والتصدي لجرائمه، ومواجهة خطر المشروع الصهيوني التوسعي الذي يهدد الأردن ويستهدف الأمة .
دعم القضايا العربية والإسلامية والإنسانية العادلة، ورفض الظلم والعدوان وانتهاك حقوق الشعوب وحرياتها, واسناد حق شعوب العالم في التحرر ومواجهة العدوان .
خامساً: مبادئ وتوجهات سياسية عامة
تتبنى الحركة الإسلامية مبادئ وتوجّهات واضحة ومعلنة تجاه القضايا المهمّة، تنطلق من منظومتها الفكرية والقيمية وممارستها السياسية، ومن أبرز تلك المبادئ والتوجهات:
العدل:
العدل قيمة عليا، وركن مهم وركيزة أساسية لاستقرار المجتمعات وتطوّرها. والأفراد والهيئات والمؤسسات الرسمية والشعبية، مطالبون جميعاً بإعلاء قيمة العدل في علاقاتهم الداخلية والخارجية “. وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ” (المائدة 8)
والحركة الإسلامية إذ تؤكد أهمية العدل كقيمة دينية وأخلاقية وإنسانية عليا، تسعى بكل جهدها للإسهام في إشاعة العدل وتحقيقه كمنهج في التعامل بين الجميع، مؤمنة بأهميته في ترسيخ قوة الدولة والمجتمع، وفي تحقيق الشعور بالأمان والرضى والمساواة، بعيداً عن الظلم والقهر والخوف.
وتعتبر الحركة الإسلامية المساواة في الحقوق والواجبات , حقا للجميع ,والتمييز فيه على أساس العرق أو الجنس أو الانتماء الديني أو الفكري أو الثقافي أو السياسي شكلاً من أشكال الظلم، ونقيضاً للعدل، وانتقاصاً من كرامة الإنسان، وتؤكد على أهمية تحقيق العدالة الاجتماعية، وتسعى بكل طاقتها لمحاربة التمييز والأفكار والدعوات العنصرية داخلياً وخارجياً.
الحرية:
حرية الرأي والفكر والاعتقاد والتعبير حقّ مكفول للجميع، والتشريعات والقوانين وتطبيقاتها ينبغي أن تضمن الحريات الفردية والعامة، وأن تعزّزها وتحول دون مصادرتها أو الاعتداء عليها.
والحرية في فكر الحركة الإسلامية ورؤيتها حق طبيعي للإنسان، لا تجوز مصادرته أو تقييده إلّا إذا تجاوز على حرية الآخرين وحقوقهم، اواعتدي على معتقدات الأمة وحقوق المجتمع وهويته وقيمه.
وتؤكد الحركة ضرورة أن تضمن الدولة الحريات الدينية والفكرية والسياسية والإعلامية والاجتماعية للمواطنين، وأن تحول دون مصادرتها أو الاعتداء عليها أو الانتقاص منها، وأن تمنع فرض الآراء والقناعات على الآخرين بالقوة من أي طرف كان.
التعددية والتنوّع:
الاختلاف والتنوّع العرقي والديني والفكري والثقافي والسياسي والمجتمعي، حالة طبيعية. (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِين إلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ). (هود 118و119)
والتعددية ملازمة للحرية لا تنفصل عنها، وهي مصدر إغناء وتفاعل إيجابي وتعزيز لقوة المجتمع، ولا يجوز أن تتحوّل إلى عامل إضعاف وتفتيت للدولة وتمزيق نسيجها الوطني، ولا إلى سبب للصراع على أسس أيديولوجية أو سياسية أو طائفية أو مذهبية أو عرقية.
والحركة الإسلامية تؤكد احترام التنوّع والتعددية في مختلف مجالات العمل الوطني، وعلى تعزيز قبول الآخر، ونبذ ثقافة الكراهية، وإشاعة روح التعاون، والوصول إلى شراكات وتوافقات وطنية بين المجموع الوطني، إعلاءً للمصالح الوطنية العليا وخدمة لها، وتعزيزاً لوحدة الصف الوطني والتلاحم المجتمعي، وترسيخاً لقواعد العمل الوطني المشترك في مواجهة التحديات، وبما يسهم في التقدّم نحو مستقبل أفضل.
وإذ تؤكد الحركة أهمية التعاون والشراكة الوطنية، فإنها تعبّر عن رفضها لمنهج الانفراد والاستحواذ والإقصاء للآخر أو اتهامه أو ازدرائه أو تخوينه أو تكفيره، أياً كانت الجهة التي يصدر عنها هذا السلوك.
المشاركة السياسية والشعبية:
الشورى مبدأ أصيل في الفكر الإسلامي “وأمرهم شورى بينهم”(الشورى 38). والمجتمعات التي تعتمد الشورى والديمقراطية نهجاً سياسياً راسخاً في إدارة شؤون الدولة واختيار الحكومات، تكون أقدر على تحقيق الانسجام بين السلطة والشعب، والتوازن بين السلطات، وضمان وحدة المجتمع، وتمتين جبهته الداخلية وتعزيز قوّته ومنعته الوطنية في مواجهة التحدّيات.
والمشاركة في مجالات العمل الشعبي والسياسي والمجتمعي والتنموي حق أصيل للمواطنين وللقوى الوطنية، وجزء مهم من الحقوق الدستورية، وركن أساس لتطوير العملية السياسية والتنموية والخدمية. والدولة بكل أجهزتها مكلّفة بتعزيز ذلك وبإزالة العوائق التي تحول دون المشاركة الفاعلة.
والحركة الإسلامية إذ تتبنى نهج المشاركة الفاعلة والمهدّفة، بما يخدم مصالح الوطن والمواطن، فإنها تؤكد انفتاحها على مختلف مؤسسات الدولة العامة والخاصة، وبأنها معنية بتعزيز المشاركة الشعبية والسياسية والمجتمعية، وبتوفير كل ما من شأنه أن يحفّزها ويشجّعها.
وترى الحركة أن توفير الثقة لدى المواطنين بجدوى مشاركتهم في تحقيق واقع أفضل، متطلّب أساس لا غنى عنه لانخراطهم في مجالات العمل السياسي والمجتمعي والخدمي، ما يتطلب إرادة جادّة، وتشريعات قانونية عصرية، وإجراءات انتخابية شفافة تفرز مؤسسات تعبّر بحقّ عن الإرادة الشعبية، كما يتطلّب توجّهاً جادّاً من مؤسسات الدولة لاحترام تلك الإرادة، ولعدم التدخّل لحرفها عن مسارها والتأثير في نتائجها.
المعارضة السياسية:
تتبنى الدول الديمقراطية مفهوم حكومات الظل، وتعتبر المعارضة السياسية ركناً أساساً في النظام السياسي، وشريكاً مهمّا في تطوير الأداء السياسي، كما أن للمعارضة السياسية في تلك الدول دورا وطنيا مهما في الرقابة على أداء السلطة التنفيذية.
والمعارضة في نظر الحركة الإسلامية ممارسة سياسية شورية وديمقراطية , تقتضيها ظروف ومعطيات معيّنة، لكنها ليست مبدأ ثابتاً ولا نهجاً دائماً، كما أنها معارضة إيجابية بنّاءة، ترصد الأخطاء، وتدعو لإصلاح الاختلالات، بما يسهم في ترشيد الأداء، وتعزيز مسيرة الإصلاح الوطني. وهي ليست معارضة عدمية من أجل المعارضة في كل الظروف ولكل السياسات.
العنف والتطرّف والإرهاب:
العنف سلوك مرفوض بكل أشكاله، سواء صدر عن أفراد أو مجموعات أو مؤسسات أو حكومات، وسواء استهدف أفراداَ أو مؤسسات رسمية أو شعبية. فالقانون هو الحكم والفيصل في فض النزاعات، وعلى الجميع الانصياع له وعدم تجاوزه، ولا يجوز لأي طرف أخذ القانون وتنفيذه بيده حتى لو كانت لديه اعتراضات على بعض التشريعات وآليات تنفيذها، مع ضرورة العمل على تلافي أي قصور أو اختلالات في القوانين وفي آليات التنفيذ.
والتطرّف آفة مجتمعية لا تستثني مجتمعاً من المجتمعات، ولا تقتصر على أتباع دين أو عرق أو فكر أو اجتهاد سياسي، ودوافع التطرّف متعددة؛ فكرية وسياسية واقتصادية ومجتمعية ونفسية.
والإرهاب بوصفه استخداماً غير مشروع للعنف، أو التهديد باستخدامه، وبث الرعب بين الناس، وتعريض حياة الآمنين للخطر، من أجل تحقيق مصالح غير مشروعة، مرفوض ومدان، سواء قام به أفراد أو مجموعات أو دول.
وتؤكد الحركة الإسلامية أن التطرّف والتشدّد مرفوضان ومدانان شرعياً وأخلاقياً وإنسانياً، وأن أخطارهما تستهدف استقرار المجتمعات وتهدد سلمها الأهلي، وأنهما مدخل منطقي للعنف والإرهاب، وأن التطرف الفكري عادة ما يسبق الإرهاب السلوكي المدمّر. وترى الحركة أن من واجبها وواجب كل قوى المجتمع والأمة التصدي لخطر هذه الآفات، وتحصين المجتمعات في مواجهتها.
وتؤكد الحركة أهمية سيادة القانون وضرورة قيام الجميع بدورهم في تعزيز السلم الأهلي، وتشدّد على أهمية رفض استخدام العنف والإكراه وسيلة للتغيير أو التأثير السياسي أو إدارة الخلافات السياسية أو فرض الرؤى والقناعات والاجتهادات الفكرية والسياسية.
وتؤمن الحركة بأن الإقناع ونشر الأفكار هو الأسلوب المقبول للتأثير السياسي والتغيير الاجتماعي، كما تؤمن بالحوار وسيلة حضارية لمعالجة الخلافات والوصول إلى مقاربات وطنية توافقية، وتتبنى ذلك مدخلاً للتواصل مع المجموع الوطني ومع مختلف المؤسسات الشعبية والرسمية.
وتؤمن الحركة بأن تعزيز الانفتاح، والتعايش، وقبول الاجتهاد الآخر، وإشاعة روح الاعتدال الفكري والسياسي، وتوسيع مساحة الحرية والتعبير عن الرأي، وتعزيز المشاركة السياسية، ومواجهة الفساد، وتعزيز الشورى والديمقراطية، وضمان استقلال القضاء، والفصل بين السلطات.. مدخل مهم لتضييق مساحات العنف والتطرف والإرهاب، والحيلولة دون توفير تربة خصبة وبيئة حاضنة له. وفي كل الأحوال، ومع تأكيد أهمية العوامل السابقة، ترفض الحركة تبرير التطرف وتسويغ العنف والإرهاب بأي حجج أو ذرائع.
حق مقاومة الاحتلال:
يعدّ شنّ العدوان واستخدام القوة لاحتلال أراضي الآخرين وقهر الشعوب وسلب حريتها، من أفظع الجرائم التي ترتكب بحقّ الإنسان وحريته وكرامته، ومن أخطرها على استقرار المجتمعات وعلى الأمن الإقليمي والسلم الدولي.
ومقاومة العدوان والسعي لتحرير الأوطان من الاحتلال الأجنبي، حقّ طبيعي مشروع، تكفله الشرائع السماوية والمواثيق الدولية والأعراف الإنسانية.
والحركة الإسلامية ترفض جميع أشكال العدوان والاحتلال والاستخدام غير المشروع للقوة بين الدول والكيانات السياسية، وتؤكد حق كل الشعوب المقهورة بتحقيق الحرية والكرامة والاستقلال وتقرير المصير وإنهاء الاحتلال، وتؤكد حقها الطبيعي المشروع دينياً وأخلاقياً وإنسانياً، في مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المشروعة من أجل التحرر وإنهاء العدوان.
وتدعم الحركة الإسلامية حق الشعب الفلسطيني في الجهاد ومقاومة الاحتلال الصهيوني، وتؤكد أن دعمه ومناصرته لإنهاء الاحتلال بمختلف أشكال الدعم، واجب شرعي ووطني وخلقي وإنساني من دول العالم وشعوبها كافة، باعتبار القضية الفلسطينية قضية عربية وإسلامية وإنسانية عادلة.
دولة المواطنة:
الوحدة الوطنية والهويّة الجامعة أساسان راسخان لبناء الدولة الحديثة المستقرة والمزدهرة. والانتماء للوطن يتقدم على كل ما سواه من انتماءات وهويّات فرعية أوّلية.
وتعدّ وثيقة المدينة المنورة من أوّل الأدبيات التي أسّست لمفهوم دولة المواطنة وأرست قواعدها المجتمعية، حيث نظّمت العلاقات بين مختلف المجموعات الدينية والعرقية والاجتماعية في المدينة، واعتبرت المجموع حالة وطنية ومجتمعية واحدة متضامنة، فهم متساوون في الحقوق والواجبات، وينهضون جميعاً بواجب الدفاع عن مجتمعهم في مواجهة أية تهديدات خارجية، كما كفلت لهم حقوقهم وحرياتهم، وأكدت على احترام التنوع والتعددية في المجتمع.
ودولة المواطنة لا تميّز بين مواطنيها في الحقوق والواجبات على أساس الجنس أو المعتقد أو العرق أو الطائفة أو الموقع الجغرافي أو الموقف السياسي. فالجميع أمام القانون سواء .
كما أنها دولة تقوم على العدل، وتحترم الحريات الدينية والفكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وتكرّس المؤسسية وسيادة القانون واستقلال القضاء والفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة التنفيذية، وهي دولة تعتمد الانتخاب الحرّ النزيه آلية للاختيار، تجسيداً لمبدأ “الشعب مصدر السلطات”.
والحركة الإسلامية إذ تتبنى مفهوم دولة المواطنة، فإنها ترفض التعامل مع أي شريحة من شرائح الوطن بمفهوم الأقلية والأغلبية، وترى أنه لا مكان لمفهوم الأقليات في دولة المواطنة والقانون والحقوق المتساوية. فالجميع شركاء في الوطن، متساوون في الحقوق والواجبات .
الدستور الأردني:
الدستور هو الوثيقة القانونية الأولى في الدولة، تعلو على ما عداها من تشريعات قانونية ينبغي أن تنسجم معها ولا تناقضها، وهي تمثل العقد الاجتماعي الذي يتوافق عليه المجتمع ويحتكم إليه. وهي وثيقة تتسم بالاستقرار والثبات النسبي، ولا يمنع ذلك تعديلها والنظر فيها للتطوير والتحديث إن كانت ثمّة حاجة للتطوير ومعالجة أي اختلالات.
والحركة الإسلامية تنظر إلى الدستور الأردني كوثيقة مهمة ومتقدمة، وتؤكد أهمية أن يحترمه الجميع، أفراداً ومسؤولين وهيئات عامة ومؤسسات مجتمع مدني، وأن يلتزموا بمبادئه وقواعده.
وترى الحركة أن من حق الشعب ومؤسساته الوطنية أن يتوافقوا على إجراء التعديلات الضرورية التي يرونها لازمة لتطويره تحت مظلة الحوار الوطني وتحقيق أوسع مساحة من التوافق المجتمعي، بما يتيح التواؤم مع التحولات المهمة، ويسهم في تكريس نظام سياسي تعددي متقدّم، على قاعدة أن دين الدولة الإسلام والشعب مصدر السلطات.
الأمن الوطني:
الأمن الوطني مفهوم شامل يتضمن مختلف الأبعاد الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية، وتحقيقه والحفاظ عليه مسؤولية تكاملية مشتركة بين المؤسسات الرسمية والمواطن ومؤسسات المجتمع المدني، فالكل شريك أصيل في تحقيق الأمن وصيانته وتعزيزه. وقد بين الله عزّ وجل أهمية تحقيق الأمن الشامل في قوله تعالى ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْت الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾. (قريش 3و4)
والحركة الإسلامية إذ تؤكد أهمية وحيوية دور المؤسسات الأمنية في حفظ المجتمع وحماية حقوق الأفراد وتحقيق الاستقرار الذي هو مدخل لقوة المجتمع والدولة وتقدّمهما، على قاعدة التخصص وفي إطارالدستور وتعزيز حقوق الإنسان، فإنها تتبنى المفهوم الشامل والتكاملي للأمن الوطني بما يحفظ الحريات والحقوق المدنية والسياسية,ويحول دون الهيمنة على السلطات الاخرى, وتؤكد أهمية الشراكة الوطنية في تحقيقه، وتعتبر نفسها شريكاً أساساً في تعزيزه وصيانته، وتعتبر ذلك واجباً وطنياً ينبغي أن ينهض به الجميع في إطار الدستور والقانون والتشريعات.
الإصلاح الشامل:
الإصلاح الشامل بما يتطلبه من تطوير للتشريعات والبنى والهياكل وآليات الحكم والإدارة، ضرورة وطنية وحاجة ملحّة لتقدّم المجتمع نحو مزيد من المؤسسية والشورى والديمقراطية، وسيادة القانون، وتعزيز المشاركة الشعبية، والفصل بين السلطات، وتجذير التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة ، وتحقيق التنمية الشاملة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية.
والإصلاح بمفهومه الشامل، وفي المقدمة منه السياسي، مصدر قوة ومصلحة وطنية لجميع الأطراف، حكاماً ومحكومين. فليس ثمة خاسر في الإصلاح، وهو ليس لصالح طرف على حساب آخر، بل مصدر قوة للدولة بكل مكوناتها، ويعبّر عن حيوية المجتمع وإرادته للتطوّر.
والحركة الإسلامية تؤمن بأن تحقيق الإصلاح وإزالة المعوقات التي تعترض طريقه واجب الجميع؛ مسؤولين ومواطنين ومؤسسات رسمية ومجتمعا مدنيا، “إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ”(هود 88). وهو ما يتطلبّ توفّر القناعة بأهميته والإرادة الجادّة لتحقيقه لدى الجميع، ويقتضي ذلك بالضرورة تجسير الفجوة بين الجانب الرسمي والحالة الشعبية للوصول إلى صيغ توافقية، عبر مسار سلمي آمن ومتدرّج، بعيداً عن كل أشكال العنف وفرض الآراء والقناعات على المجموع الوطني.
والحركة الإسلامية تتبنى الحوار والنقاش الوطني البنّاء وطرح الرؤى والأفكار طريقاً لتحقيق الإصلاح، بعيداً عن التعنّت أو الانحياز لمصالح ذاتية أو فئوية من أي طرف، فمصلحة الوطن تعلو على كل مصلحة فرعية أو جزئية.
وترى الحركة أن الفساد بجميع أشكاله، السياسي والإداري والمالي والاجتماعي، مرفوض وسبب رئيس لخراب الحياة السياسية وتدمير الاقتصاد الوطني وتمزيق المجتمع، وتؤكد أن توفّر الإرادة الجادّة والتشريعات الرادعة لمكافحته والأخذ على يد الفاسدين وتحقيق الشفافية،بالاضافة الى تحسين بيئة الاستثمار ,والتركيز على الانتاج ,والتوزيع العادل للثروة, مدخل مهم للنهوض وتحقيق التنمية الاقتصادية والسياسية.
المرأة:
المرأة ركن أساس في بناء المجتمعات ونهوضها وتقدمّها في مختلف المجالات، وهي شريك أصيل في التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لها كامل الحقوق الوطنية، مثلما تطالب بكامل الواجبات.
والحركة الإسلامية إذ تؤكد ضرورة تكامل الأدوار بين الرجل والمرأة وترسيخ علاقات المودة والرحمة بينهما، وأهمية الحفاظ على الأسرة بوصفها حاضنة التربية واللبنة الأساس في المجتمعات ووحدة البناء الرئيسية فيها، فإنها تؤكد أهمية دور المرأة المحوري في تربية الأجيال والحفاظ على منظومة المبادئ والقيم والنهوض بالمجتمع وارتقائه، وتدعم حقها في المشاركة الكاملة، وتساند الجهود الهادفة إلى تعزيز دورها في عملية النهوض الوطني والتنمية المستدامة في مختلف المجالات، وترى في ذلك مدخلاً مهمّا لتقدّم المجتمع وتطوّره وتفعيل طاقاته.
الشباب:
الشباب هم العنصر الأساس والطاقة الفاعلة في المجتمع، وهم عماد نهضته والمعبّر عن حيويته، والمدافع عنه في الخندق الأمامي المتقدّم ضد كل الأخطار والتهديدات التي تستهدفه. وهم هدف الإصلاح ومادته، ولا يتصور تحقيق إصلاح وطني شامل حال غيابهم أو تهميشهم.
والحركة الإسلامية تدعم كل الجهود الهادفة لتعزيز دورهم، وتهيئة الفرص أمامهم، وتنشئتهم على القيم العربية والإسلامية، والحفاظ على انتمائهم الحضاري، وزيادة حضورهم ومشاركتهم في بناء وطنهم، وفي النهوض بشؤون مجتمعهم، على أرضية تكامل الأدوار.
كما تؤكد أهمية العمل من أجل بناء الشخصية الشبابية المتوازنة، القائمة على قيم الحق والخير والعدل والاستقامة , والحرية والديمقراطية والشورى، من خلال تشريعات مناسبة، ومنهج تربوي وثقافي اصيل ,وعبر التوسع في إنشاء المؤسسات الشبابية وتطوير القائم منها، وبما يعزز طموحاتهم وقدراتهم وإبداعاتهم في مختلف المجالات العلمية والبحثية والثقافية والرياضية. كما تؤكد على ضرورة تجنّب إهدار طاقاتهم في صراعات موهومة، وعلى أهمية تشجيع انخراطهم في العمل السياسي والاجتماعي، وإيجاد المناخات المناسبة لتحقيق ذلك.
التربية والتعليم والبحث العلمي والتجديد والإبداع:
انسجاماً مع تحقيق الهدف من خلق الإنسان ودوره في عمارة الأرض وتحقيق نهضة الأوطان، فإن التغيير نحو الأفضل والتطوّر سنّة الحياة، والتجديد والإبداع والتكيّف الإيجابي مع المتغيرات سمة الأفراد الناجحين والمجتمعات التي تملك حيوية وقدرة على التجدد والتطوّر.
وتؤكد الحركة الإسلامية ضرورة تطوير العملية التربوية والتعليمية، والارتقاء بمستوى المعلمين وتوفير الحوافز لهم، وانسجام مناهج التعليم مع قيم الأمة وثقافتها وهويتها الحضارية ومع تطوّر التجربة العلمية الإنسانية.
كما تؤكد أهمية دور أجهزة الدولة والمؤسسات التعليمية والتربوية ومختلف مؤسسات المجتمع المدني، في توفير البيئة المناسبة والمتطلبات اللازمة لتشجيع البحث العلمي، والتحفيز على الإبداع والابتكار، وإطلاق الطاقات الإيجابية الكامنة لدى أفراد المجتمع، وصولاً إلى تعليم حديث متطور ومنافس.
وترى الحركة أن رعاية المبدعين والمتفوقين ومكافأة جهودهم، أحد أهم السياسات التي تسهم في صنع مستقبل الوطن وتطوره، ما يقتضي تخصيص نسبة معقولة من الموازنات المالية للبحث العلمي وتشجيع الإبداع والابتكار ورعاية المواهب المتميزة.
سادساً: العلاقات السياسية
تتبنى الحركة الإسلامية العديد من التوجهات والسياسات في إدارة علاقاتها السياسية على المستويات المختلفة؛ الوطنية والعربية والإسلامية والدولية، ومن هذه التوجهات والسياسات:
على المستوى الوطني:
الحركة الإسلامية باعتبارها حركة وطنية تعطي الأولوية للمصلحة الأردنية في سياق انتمائها لأمتها العربية والإسلامية، فإنها تسعى إلى مد الجسور مع مختلف الأطراف، الرسمية منها والشعبية، وتسعى للتعاون والتنسيق وبناء الشراكات مع مختلف الاتجاهات والتيارات الوطنية، بما يخدم مصلحة الوطن ويعزّز قوته، ويحقق تكامل الأدوار، ويسهم في تعزيز وحدة المجتمع وتمتين جبهته الداخلية.
في العلاقة مع الجانب الرسمي، تؤكد الحركة الإسلامية أهمية الانفتاح على مختلف المستويات وعلى رأسها ملك البلاد ، وتسعى لعلاقة إيجابية مع مخلتف مؤسسات الدولة ، تقوم على التعاون واقتراح الرؤى والمبادرات والبرامج العملية، إلى جانب تقديم النصح والمشورة لما يحقق الصالح العام. ومن حقّ الحركة نقد السياسات والإجراءات التي لا تنسجم مع المصالح الوطنية العليا، وهي لا تتأخر في أداء واجبها الشرعي والوطني الذي يفرضه عليها انتماؤها لوطنها وأمتها.
وفي العلاقة مع المجتمع الذي ترى نفسها جزءاً منه وخادماً له لا وصيّاً عليه، تؤكد الحركة الإسلامية على البعد العملي والبرامجي في أدائها، إسهاماً في طرح المبادرات الوطنية التي من شأنها تعزيز التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومواجهة التحديات التي تواجه الدولة والمجتمع.
وفي العلاقة مع القوى والأحزاب والهيئات الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني، تؤكد الحركة انفتاحها على المجموع الوطني، واحترامها خصوصيات مختلف الأطياف الوطنية، وحرصها الأكيد على التعاون مع مختلف الأطراف، بما يعزّز توحيد الجهود الوطنية ويسهم في النهوض والتقدّم وتحقيق تطلعات الشعب الأردني.
وتسعى الحركة بالتعاون مع المجموع الوطني إلى إرساء مفهوم “الجماعة الوطنية” التي تشمل كل الأطياف الفكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وإن تباينت مواقفها واجتهاداتها. فالاجتهاد والاختلاف في الرأي حق مشروع ومصون، ولا يمنع التعاون في مساحات الاتفاق والالتقاء التي هي أوسع بكثير من مساحات الاختلاف.
على مستوى القضية الفلسطينية:
علاقة الأردن بالقضية الفلسطينية علاقة خاصة ومميزة. وإذا كانت فلسطين في نظر الأمة قضيتها السياسية الأولى والمركزية، فإنها في نظر الأردنيين تتجاوز ذلك لتكون قضية أخوّة ومصير مشترك.
وترى الحركة الإسلامية أن الشأن الفلسطيني بالنسبة للأردنيين شأن وطني بامتياز، تتداخل فيه اعتبارات الأخوّة والجغرافيا والديموغرافيا وتأثر الأردن المباشر بتطورات القضية الفلسطينية في شتى الجوانب. وقد حكمت العلاقة بين الأردن وفلسطين عوامل عديدة، من الدين والتراث والجوار والتاريخ المشترك والانصهار بين الشعبين التوأمين، بحيث باتا يشكلان شعباَ واحداً متداخلاً ومتكافلاً.
والاحتلال الصهيوني لفلسطين الذي يعدّ أبشع أشكال الاستعمار، يستهدف الأردن أرضاً وشعباً وكياناً، وهو في نظر الحركة الإسلامية وكل الأردنيين الخطر الاستراتيجي الرئيس والتهديد الأكبر على الأردن حاضراً ومستقبلاً، كما يرون فيه تهديدا مباشراً لحاضر الأمة ومستقبلها، ما يجعل مواجهة خطر المشروع الصهيوني التوسعي والتصدي لسياساته العدوانية، واجباً ومسؤولية وطنية وقومية وإسلامية، تفرض على الجميع مسؤولية دعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وإسناده في جهاده ومقاومته ونضاله الوطني، باعتباره خط الدفاع المتقدم عن الأردن والأمة.
وتدعم الحركة الإسلامية تمسّك الشعب الفلسطيني بكامل ترابه الوطني من البحر إلى النهر، وتؤكد على وحدة الأرض الفلسطينية ووحدة الشعب الفلسطيني، وترفض أيّ محاولة لتقسيمه وإثارة الخلافات في صفوفه، وتؤكد على أهمية تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية على ثوابت القضية الفلسطينية، كركيزة مهمة لتوحيد الجهود في مواجهة الاحتلال.
والحركة الإسلامية تؤكد أن تعزيز قوة الأردن ومنعته، يشكّل دعما مهمّا لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وتثبيته على أرضه، ولمواجهة المؤامرات التي تتربص بالبلدين وتستهدفهما معاً.
وترفض الحركة الإسلامية أي اتفاقيات أو معاهدات تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني أو تضفي شرعية على كيان الاحتلال. كما ترفض كل محاولات التطبيع الرسمي والشعبي للعلاقات مع الاحتلال العدواني وغير المشروع، وتحذّر من أي اختراقات يحققها العدو لحاجز الرفض النفسي لترسيخ وجوده الطارئ وغير المشروع على أرض فلسطين، وتتعاون مع مختلف القوى الوطنية والعربية والإسلامية لمقاومة التطبيع ومواجهة أخطاره على الوطن والأمة.
تشدّد الحركة الإسلامية على أهمية مواجهة المخططات التي تستهدف الهوية الحضارية والمكانة الخاصة لمدينة القدس، وعلى ضرورة حماية المسجد الأقصى وسائر المقدسات من أية عبث أو تغيير من جهة الاحتلال.
وتؤكد الحركة الإسلامية على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، بوصفه حقاً لا يخضع للمقايضة أو الانتقاص ولا يسقط بالتقادم، وتؤكد على ضرورة ضمان حياة كريمة للاجئين في مختلف أماكن وجودهم، وعلى أهمية إسناد حقهم في العودة إلى وطنهم، كما تؤكد رفضها لكل المشاريع المشبوهة لشطب حق العودة عبر الحديث عن التوطين والوطن البديل.
على المستوى العربي والإسلامي:
الأردن جزء من أمته العربية والإسلامية، ينتمي إليها ويسعى لتحقيق الوحدة والتكامل بين أقطارها، تحقيقاً لقوتها ونهضتها، وتعزيزاً لقدرتها على مواجهة الأخطار والتحديات.
والحركة الإسلامية تؤكد أهمية تعزيز دور الأردن في محيطه العربي والإسلامي، وضرورة قيامه بأدوار إيجابية في تعزيز وحدة الأمة وحل النزاعات بين أقطارها، والابتعاد عن الانخراط في استقطابات الأحلاف والمحاور الإقليمية المتصارعة.
وتدعم الحركة انفتاح الأردن على محيطه العربي والإسلامي، وترى أن ما يخدم مصالحه العليا تبنّي سياسة التوازن وتنويع الخيارات في العلاقة مع الأطراف المختلفة، وبناء منظومة علاقات واسعة متعددة ومتوازنة.
وتؤكد الحركة على أهمية وحدة الموقف العربي والإسلامي، وضرورة التحرك ككتلة واحدة في مواجهة التحديات وفي إدارة العلاقة مع القوى الإقليمية والدولية، وترفض الحركة أية توجهات لتمزيق جسد الأمة وإضعافها على خلفية صراعات دينية أو طائفية أو مذهبية أو عرقية.
وتدعم الحركة حق الشعوب العربية والإسلامية في أن تتمتع بحياة كريمة، وحقّها في العدل والحرية والشورى والديمقراطية. كما تؤكد على ضرورة احترام سيادة الدول العربية والإسلامية واستقلالها واختيارات شعوبها، وترفض منطق فرض الوصاية والهيمنة، وتعارض التدخلات الخارجية في شؤون الأمة، وتشدد على أهمية أن تقوم علاقات الجوار العربي والإسلامي على التنسيق والتعاون والاحترام المتبادل، وعلى ضرورة اعتماد الحوار والدبلوماسية مدخلاً لحل الخلافات والمشكلات.
وتشجع الحركة صيغ العمل العربي والإسلامي المشترك، وتؤكد أهمية تفعيل مؤسساته، وعلى رأسها جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وتدعو إلى اصلاح بنيتهما الداخلية وتطوير ادائهما بما يجعلهما في خدمة الأمة وقضاياها ورمزاً لوحدتها وتعزيز دورهما في توحيد الجهود العربية والإسلامية، وإلى تطوير آليات عملهما في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية، وإلى تحويلهما لإطار لحل الخلافات وفض النزاعات بين دول المنظمتين، على أساس العدل ومقتضيات الأخوّة وحفظ مصالح الشعوب. كما تؤكد على أهمية تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، على قاعدة رفض التدخل في شؤون الدول وحماية استقلالها.
على المستوى الدولي:
الأردن جزء من المجتمع الدولي، ينتمي إلى فضاء إنساني واسع، يتفاعل معه بإيجابية، ويسعى لأن يكون له حضور إيجابي مؤثّر فيه.
والحركة الإسلامية تدعم تعزيز علاقات الأردن مع دول العالم، باستثناء الكيان الصهيوني المحتل، وتؤكد على أهمية امتلاكه شبكة علاقات دولية واسعة، على قاعدة التفاعل الإيجابي، والتوازن في إدارة العلاقات، بعيداً عن التبعية لأي قوة دولية، وعن الدخول في صراعات المحاور الدولية وتناقضاتها، وتدعم سعي الأردن لتحقيق حضور إيجابي مؤثر في الساحة الدولية.
وتؤكد الحركة على أهمية التعاون الدولي والتفاعل الإنساني ومحاربة النزعات العدوانية والانعزالية والعنصرية التي تهدد السلم والاستقرار العالمي، وتدعو إلى ترسيخ قيم العدل والحرية واحترام سيادة الدول وخصوصياتها الثقافية، وتشدد على ضرورة حل النزاعات بين الدول عبر آليات الحوار، بعيداً عن استخدام القوة العسكرية.
وتؤكد الحركة كذلك على حق الشعوب كافّة في الحرية والعدالة والكرامة والنهضة والحفاظ على سيادتها الوطنية ووحدة أراضيها.
كما تؤكد الحركة أهمية دور المؤسسات والمنظمات الدولية التي تعمل على فض النزاعات وحماية السلم العالمي والإسهام في بناء مجتمع إنساني يعظّم قيم الحرية والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان، وتدعو إلى ضرورة تطوير بنى هذه المؤسسات والمنظمات، وعلى رأسها الأمم المتحدة، وإلى إعادة النظر في آليات عملها، بما يحقق التوازن والعدالة، وينهي الوضع الحالي الذي يتيح لدول كبرى فرض هيمنتها وحماية نفسها وحلفائها من المحاسبة والمساءلة، الأمر الذي يشلّ عمل المؤسسة، ويعطل دورها في تحقيق الاستقرار العالمي، ويتيح لدول معتدية تهدد الأمن العالمي الإفلات من العقاب. كما تدعو إلى ضرورة أن يقتصر دور المنظمات الدولية على الأدوار التي أنيطت بها، دون التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وبعيداً عن الخضوع لأجندات سياسية وثقافية لبعض القوى الدولية المهيمنة