أكد المتحدثون في الندوة التي أقامتها لجنة التربية والتعليم في حزب جبهة العمل الإسلامي مساء اليوم بعنوان “التعليم العالي إلى أين” على ضرورة وجود إرادة سياسية جادة للتغيير ووضع إستراتيجية ورؤية وطنية لإصلاح التعليم العالي، وتطوير التشريعات والاستراتيجيات الناظمة له وللجامعات في الأردن.
وأشار المتحدثون خلال الندوة التي أدارها الدكتور صبري سميرة وأقيمت في مجمع النقابات المهنية تحت رعاية الأمين العام للحزب المهندس مراد العضايلة، إلى ما يعيشه التعليم العالي من تحديات و مخاطر، وغياب المؤسسية والرقابة الفاعلة على أداء مؤسسات التعليم العالي، مطالبين بقرع جرس الإنذار تجاه واقع الجامعات ومؤسسات التعليم العالي.
السقا: البيئة الناظمة والسياسة النافذة هي مناط التغيير والإصلاح للعملية التعليمية
وأكد نائب الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي المهندس وائل السقا في كلمته على أهمية التعليم ومنظومته في تمتين مشروع الأمة لمجابهة المشاريع التي تستهدف الوطن والأمة، محذرا مما يعيشه واقع التعليم العالي من حالة تراجع وقصور خلال السنوات العشر الأخيرة بعد أن كان الأردن من الدول المتميزة في التعليم على مستوى المنطقة.
وأشار السقا إلى تقدم الحزب منذ شهور بمبادرة إصلاحية وطنية جامعة أساسها الحوار والتوافق على استراتيجية وطنية للخروج مما يواجهه الوطن من حالة انسداد في أوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويمتن الجبهة الداخلية أمام التهديدات الخارجية، بحيث يشكل التعليم أحد المحاور الأساسية لهذه المبادرة.
وأضاف السقا ” العناصر الأساسية للعملية التعليمية هي الطالب والمعلم والمنهج والمدرسة والجامعة، ولكن المتغير الذي يحدد مساوى أداء كل عنصر منها هو السياسة التعليمية لها، فما معنى أن يبدع طلابنا في مؤسسات الغرب وتتراجع مستوياتهم في أوطاننا، إنها البيئة الناظمة والسياسة النافذة التي هي مناط التغيير والإصلاح لسلامة العملية التعليمية وضمان نتائجها وتقدمها”.
العتوم: ضرورة بناء التعليم وفق رؤية وطنية وليست حكومية
فيما اشارت النائب هدى العتوم إلى ما شهده التعليم العالي من تعديلات متلاحقة والاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي وتقصير هذه التعديلات و الاستراتيجيات من حيث النظرة للطالب الذي يمثل المحور الأساسي للعملية التعليمية وكيفية إعداده، و المدرس وأهمية بناء كفاءاته، والبحث العلمي كمحرك أساسي لعملية تطوير التعليم، مع ضرورة أن تستند هذه التشريعات على الدين الإسلامي وهو الدين الرسمي للدولة، وباعتبار التعليم رافعة للمجتمع ووسيلة تطويره.
وأكدت العتوم إن التعليم العالي في الأردن بات يشكل رؤية حكومية وليس رؤية وطنية، وغياب إستراتيجية شاملة للتعليم، كما أشارت إلى غياب الأسس والمعايير الواضحة في اختيار إدارات الجامعات وكوادرها، وسياسة الاسترضاء الحكومي في عملية التوسع في الجامعات دون أسس واضحة ومدى الإضافة التي ستقدمها، والتوسع في التخصصات بشكل غير مدروس لمدى حاجة السوق لهذه التخصصات، حيث أكدت على ضرورة وجود آلية للرقابة الفاعلة على الجامعات.
الوحش: السياسات التعليمية القائمة تعمل على إعدام العقل الأردني
من جهتها أكدت الخبيرة التربوية الدكتورة فاطمة الوحش على ضرورة معالجة مواطن الخلل الذي تعيشه الجامعات، وغياب المعايير والأسس الواضحة في السياسة التعليمية وإدارة المؤسسات التعليمية، مشيرة إلى انتشار سياسة الفرد الواحد في إدارة الجامعات بعيدا عن المعايير المهنية والأكاديمية المطلوبة سواء فيما يتعلق بالعمل الطلابي والسياسة الأكاديمية وتعيين كوادر الجامعات.
وحذرت الوحش من استمرار ما وصفته بسياسة ” إعدام العقل الأردني” في العملية التعليمية، حيث طالبت بضرورة تفعيل الرقابة والتفتيش على الجامعات، وإعادة منصب الأمين العام للجامعة، والتحقيق في شبهات الفساد الإداري والمالي في الجامعات، ووقف ما وصفته بالهيمنة الأمنية على الجامعات فيما يتعلق بالتعيينات والعمل الطلابي، كما أشارت إلى عدم فعالية مجالس الأمناء للجامعات وهيمنة رؤساء الجامعات عليها وغياب الأسس الواضحة لاختيار أعضاءها.
القضاة: ضرورة وجود إرادة سياسية جادة لإصلاح التعليم العالي
في حين أكد الخبير في شؤون التعليم العالي الدكتور علي القضاة على ضرورة وجود إرادة سياسية جادة للتغيير فيما يتعلق بواقع التعليم العالي، وإيجاد إدارة تنفيذية ذات كفاءة لإدارة ملف التعليم العالي، وتطوير وتفعيل القوانين الناظمة للتعليم والجامعات بما يكفل عودة الثقة بالجامعات والنظام التعليمي، مشيرا إلى ما تعانيه الجامعات من غياب المؤسسية في العمل وتحجيم دور الجهات الناظمة للتعليم العالي وتعدد المرجعيات الخاصة بها إضافة إلى المشاكل المالية ومخالفة معايير الاعتماد والجودة.
وأشار القضاة إلى الأسس المطلوبة لتحسين جودة التعليم العالي، مطالبا بقرع جرس الإنذار فيما يتعلق بواقع التعليم العالي، وتراجع الاهتمام به وبأداء المؤسسات التعليمية، حيث أكد ضرورة النظر إلى عملية الاعتماد والجودة بنظرة متكاملة وغير مجتزأة، وتوفير مناخ إداري ومالي في الجامعات وتفعيل مبدأ المساواة والشفافية والمحاسبة تجاه أي تجاوزات في الجامعات.
فيما اكد مدير الندوة الدكتور صبري سميرة في ختام الندوة على ضرورة تحقيق الإصلاح الشامل سياسيا واقتصاديا بما ينعكس على قطاع التعليم العالي، كما استعرض مؤشرات لواقع التعليم العالي الأردن في المنطقة وتراجعه رغم توفر كافة العناصر المطلوبة مع الحاجة لوجود إدارة مختصة و ذات كفاءة لإدارة ملف التعليم العالي.