تابعت لجنة التربية والتعليم في حزب جبهة العمل الإسلامي التعديلات الأخيرة التي أقرتها الحكومة على نظام المركز الوطني للمناهج، وبعد دراستها الأولية نورد ما يلي :
١- تؤكد اللجنة -على ما أوردته سابقًا- أن الحكومة استندت في إنشاء المركز ووضع نظامه إلى المادة (١٢٠) من الدستور، وهي لا تعتبر أساسًا صحيحًا لإنشاء مثل هذا المركز، وقد صدر النظام متعديًا على صلاحيات وزارة التربية والتعليم التي نص عليها قانونها، منتزعًا منها أهم مهماتها ؛ وهي المناهج والامتحانات وما يتعلق بهما ، كما جاءت معظم مواد النظام مخالفة لقانون التربية والتعليم الذي يوكل صلاحيات وضع المناهج وتطويرها وتنفيذ الامتحانات وكافة إجراءاتها إلى وزارة التربية والتعليم .
٢- جاءت الصلاحيات الممنوحة للمركز في النظام لتجعله اليد العليا فوق وزارة التربية والتعليم وخارج سلطتها، ولم تعد وزارة التربية والتعليم إلا جهة صورية في كل ما يتعلق بالمناهج والامتحانات .
٣- تضمن النظام منذ صدوره في عام ٢٠١٧ العديد من الثغرات ؛ ففي الوقت الذي أصبح من مهمات المركز مراجعة الأطر والكتب المدرسية والمناهج و أي مواد بعد إعدادها من قبل الأشخاص المكلفين أو الفرق أو اللجان المشكلة ، إلا أن النظام لم ينص على آلية تشكيل اللجان أوالتأليف أو شروط المؤلفين، كما أنه لم ينص على شروط ومواصفات أعضاء مجالسه في كافة أعماله .
٤- تضمن التعديل الجديد على نظام المركز الوطني لتطوير المناهج إلغاء عضوية
– مفتي عام المملكة
– ومجمع اللغة العربية الأردني
– ونقيب المعلمين
وعلل المسؤولون ذلك بأسباب واهية تناقض التطمينات الحكومية التي رافقت إنشاء المركز بأن وجود هذه الأطراف الثلاثة أحد عوامل تطمين المجتمع أن المناهج تحت عين وإشراف عدة جهات وطنية مختصة، وهذا التعديل يؤكد أن هناك من يريد إقصاء مؤسسات وخبرات وطنية مختصة، وكل صوت مؤثر عن الحضور في تطوير المناهج.
٥- إن التعديل المتعلق بعضوية رئيس مجمع اللغة العربية والذي تم على مرحلتين، حيث تم في الأولى التعديل الصادر ١/ ٣/ ٢٠٢٠ باستبدال ممثل عن المجمع برئيس المجمع ، ثم تم في التعديل الأخير إزالة عضوية المجمع بشكل نهائي ، و هذا يشكل تعدٍ صارخٍ على المجمع وقانونه الذي ينص على أن المجمع يهدف إلى الحفاظ على سلامة اللغة العربية والنهوض بها ، فكيف يتم إقصاء الجهة المناط بها الحفاظ على اللغة العربية والنهوض بها من أهم مجال يتعلق بتنشئة الأجيال وتعليمها اللغة العربية ، وما معنى وجود هذا الصرح الكبير إن لم يكن وجوده أساسيا في المناهج المدرسية، كما أن إزالة المجمع من عضوية المركز الوطني للمناهج تشكل تعديًا على فلسفة التربية والتعليم التي تعتبر أن اللغة العربية ركن أساس في وجود الأمة العربية وعامل من عوامل وحدتها ونهضتها و أن استخدام اللغة العربية في التعبير عن الذات والاتصال مع الآخرين هدف أسمى في العملية التعليمية .
٦- جاء في تصريحات أحد المسؤولين قوله: (أن مفتي عام المملكة لا يصح تعيينه كعضو في المجلس بقرار من رئيس الوزراء على اعتبار أن مفتي عام المملكة يعين بإرادة ملكية منفردة). وهذا غير دقيق ، وعلى فرض صحته فإن ذلك لا يعني تغييب دائرة الإفتاء بشكل مطلق عن مجلس المركز ، فلا يوجد ما يمنع وجود ممثل عن دائرة الإفتاء ممن ينسب به المفتي العام للمملكة.
٧- لقد شكل إقصاء نقابة المعلمين عن عضوية المركز استمرارًا في النهج التعسفي لدى الحكومة بإقصاء الركن الأساس في العملية التعليمية برمتها ، والجهة الممثلة لمن يطبقون المناهج ميدانيًا، وهم الأقدر على طرحها وتقييمها و صياغتها ، و سد عورها ، وإن التذرع بأن المركز يستقبل ملاحظات المعلمين بشكل مباشر أمر يدعو للأسف، فالمعلمون لهم جهة تمثلهم يعبرون تحت مظلتها بحرية أوسع مما يمكن مع غيرها .
٨- إن المادة (٢) الواردة بالتعديل على المادة (٦) من النظام الأصلي، والمتعلقة بترك عملية التنسيب كل أربع سنوات لأعضاء المجلس الأعلى للمركز ، بعد أن كان في النظام الأصلي يحدد أسماء أعضاء المجلس وفق مراكزها القانونية وصفاتها الاعتبارية.
أما التعديل الجديد فجعل اختيار أعضاء المركز غير محدد بمركز قانوني أو صفة اعتبارية، ولا يخضع لمعايير مهنية وهذا من شأنه أن يفتح باب المزاجية والتنفيعات وتقاطع المصالح في اختيار هؤلاء الأعضاء، وسيجعل الأمر منوطًا بالتجاذبات والمصالح و العلاقات الشخصية؛ وهي سياسات تعودنا عليها في نهج التعيينات في بلدنا ولم تعد خافية على أحد .
٩- إن عملية فصل المناهج عن جسم وزارة التربية والتعليم ، والتعديل المتواصل على نظام المركز الوطني لتطوير المناهج أصبح عملية مكشوفة الغايات والدوافع ، إذ تأتي في جزء كبير منها استجابة لطلبات الجهات الأجنبية المانحة.
١٠- يعلم الجميع أن باكورة أعمال المركز الوطني لتطوير المناهج تمثلت في إصدار كتب العلوم والرياضيات (كولينز) التي أثارت المجتمع الاردني، للفجوات التي تمتلئ بها، إذ شكّل غياب البعد الوطني عنها أحد أبرز الانحرافات، ثم تلا ذلك إصدار سلسلة كتب التربية الإسلامية وهذا كله قبل إصدار واعتماد الإطار العام لها من قبل مجلس التربية والتعليم . و أعقب ذلك إصدار الأطر الخاصة باللغة العربية والدراسات الاجتماعية والتي فيها الكثير مما يجب الوقوف عليه، وكذلك إدخال مادة الفلسفة كجزء أساس في الدراسات الاجتماعية، ومن يطالع مصفوفتها يرى أن الكتب المدرسية لا تبشر بخير أبدًا.
١١- مما تجدر الإشارة إليه ويدعو للتساؤل أن المركز منذ عام ٢٠١٨ وهو العام الذي بدأ فيه ممارسة أعماله لم تتم مراجعة أو تدقيق موازناته ولم يرد بخصوص ذلك شيء في تقارير ديوان المحاسبة.
ختامًا نؤكد أن وجود هذا المركز يشكل تشوهًا قانونيًا وإداريًا في مؤسسات التربية والتعليم، وإضعافًا لمؤسسة التربية والتعليم الأردنية وتاريخها ومنجزاتها التي شهد لها الجميع في المنطقة العربية بالكفاءة والرسوخ، وسنبقى نطالب بإلغاء هذا المركز وعودة المناهج إلى حضنها الأساس في وزارة التربية والتعليم ، فمناهج أجيالنا لا تحتمل هذا العبث الممنهج، ومستقبل أجيالنا لا يمكن أن نرهنه لجهة تستجيب لإرادة مموليها الأجانب.