أكد المتحدثون في الندوة الاقتصادية التي أقامها القطاع الشبابي لحزب جبهة العمل الإسلامي مساء أمس على ضرورة التوافق على برنامج إصلاح سياسي واقتصادي شامل لمعالجة ما يمر به الأردن من أزمة اقتصادية على مختلف القطاعات، ومعاجلة ما وصفوه بـ” الأزمة القيادية” التي يشهدها الأردن لتحقيق ريادة الأعمال والوصول إلى تنمية اقتصادية حقيقية.
وتحدث في الندوة التي أقيمت بعنوان “الفقر والبطالة بين الرؤية الحكومية والحلول الريادية” كل من النائب الدكتور موسى الوحش نائب رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب، والدكتور ابراهيم المنسي خبير الإدارة الاستراتيجية.
وأشار الوحش في كلمته إلى خطورة مشكلتي الفقرو البطالة في المجتمع لما تمثله من إهدار للموارد البشرية وما يترتب عليها من آثار اجتماعية وتفاقم الاحتقان المجتمعي، مشيراً الى ارتفاع معدل البطالة في الأردن من 14.3 % عام 2002، لتبلغ 19.2 % عام 2019، رغم التصريحات الحكومية المتتالية حول السعي لمعالجة هذه الظاهرة وتوفير فرص عمل للشباب، في حين ارتفعت مديونية الأردن إلى 30 مليار دينار، وبلوغ خدمة الدين مبلغ 1.2 مليار دينار سنوياً.
وتحدث الوحش حول عدة عوامل تسببت بارتفاع نسبة البطالة ومن أبرزها تراجع الدورة الاقتصادية ودخول الاقتصاد الأردني مرحلة الركود نتيجة استمرار نهج الجباية ورفع الرسوم والضرائب على مختلف القطاعات الاقتصادية بدلاً من التركيز على تشجيع الإستثمار، إضافة إلى تراجع مستوى التعليم في الأردن وعدم ربط مخرجاته بحاجة السوق، والزيادة السكانية المضطردة نتيجة الهجرات القسرية بسبب الأحداث السياسية في دول الجوار.
كما أشار الوحش إلى اعتماد الحكومات على توصيات صندوق النقد الدولي والتي ركزت على رفع الدعم عن السلع الأساسية ورفع الضرائب مما انعكس سلباً على النمو الاقتصادي وتراجعه إلى مستوى 1.8% مع تراجع إيرادات الموازنة وتخفيض النفقات الرأسمالية، والاختلالات في توزيع مكتسبات التنمية في المحافظات وضعف السياسات الحكومية سواء في التشريعات أو الإجراءات البيروقراطية في ملف العمالة الوافدة، وتفشي الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة.
وحول مشكلة الفقر أكد الوحش على ضرورة وضع استراتيجة وطنية لمعالجة الفقر عبر عدة إجراءات منها إعادة تأهيل المستفيدين من الصناديق الخاصة بالدعم المالي المباشر وتحويلها لمشاريع انتاجية مع توفير الدعم التمويلي والتدريبي واللوجستي لها، ووضع الحلول والبرامج لحل مشكلة البطالة والتي تعد أساس الفقر، وزيادة مشاركة المرأة اقتصادياً حيث لا تتجاوز نسبة مساهمتها في الاقتصاد حاليا نسبة 14%، حيث أشار إلى أنه عام 2015 اعتبر أن قيمة خط الفقر المطلق 813 دينار سنوياً للفرد، في حين أن 49% من الأسر يفل دخلها السنوي عن 813 دينار سنوياً، فيما أظهر تقرير مؤشرات الفقر في الأردن 2017- 2018 أن 15.7من يكون الأردن فقراء.
من جهته تحدث الدكتور إبراهيم المنسي حول ريادة الأعمال ودورها في التنمية الاقتصادية، مشيراً إلى أنه من بين أكبر 100 اقتصاد في العالم، هناك 69 إقتصاد على شكل شركات متعددة الجنسيات، مؤكداً أن الأردن يملك من المواد الخام والكوادر البشرية المؤهلة ما يمكنه من تحقيق الريادة في العديد من المجالات على مستوى العالم، بدلاً من الاستمرار في نهج الجباية وفرض الضرائب على مختلف المجالات بما فيها مجال ريادة الأعمال بدلاً وفق ما وصفه بـ”عقلية الاقتصاد الريعي” القائمة حالياً.
وأشار المنسي إلى إمكانية أن تحقق الدولة ريادة الأعمال وصناعة شركة عملاقة في عدة مجالات منها قطاع الفوسفات أو البوتاس، والطاقة الشمية، وشركات البرمجيات العملاقة، أو الاستثمار في ريادة الأعمال أو السياحة العلاجية خاصة ما يقدمه مركز الحسين للسرطات من خدمات طبية متميزة على مستوى المنطقة، أو من خلال صناعة محفظة استثمارية خارجية وتحويل السفارات الأردنية في الخارج إلى نقاط للترويج الاستثماري، أو عبر إحالة عطاءات البنية التحتية للمستثمر المضارب الجزئي وغيرها من المجالات لتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية.
وأكد المنسي على ضرورة توفير حاضنة من قبل الدولة لمشاريع ريادة الأعمال لتشجيع المواطنين على الإقبال على المشاريع الريادية، وتطوير آليات البحث العلمي واستثماره في ريادة الاعمال، لما يشكله هذا القطاع من رافد مهم في نهضة الاقتصاد الوطني، وضرورة نشر ثقافة التوجه نحو المشاريع الصغيرة بين الشباب بدلاً من الاعتماد على الوظيفة العامة.
واعتبر المنسي أن الأزمة في الأردن عي أزمة قيادية وليست سياسية، وأن حقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي سيفتح الأبواب أمام تنمية اقتصادية حقيقية، وأن ما ينقذ الدولة هو تعزيز التماسك المجتمعي وتعزيز سيادة الدولة عبر تحقيق الإصلاح الشامل والعدالة ومحاربة الفساد المالي والإداري.