-أكد أن الأردن يقف على مفترق طرق بين النهوض وتحقيق رفعة الوطن أو الغرق في الأزمات
-دعا لتشكيل حكومة سياسية وطنية مؤقتة لقيادة مشروع توافقي للإصلاح الشامل
– أكد ضرورة توافر الإرادة_السياسية الجادة للإصلاح وتغيير النهج القائم في إدارة شؤون البلاد
*-اعتبر أن مرحلة ما بعد وادي عربة شهدت تفكيكاً لمنجزات الدولة وإضعافاً لمؤسساتها
*-أكد أن الحالة السياسية والديمقراطية في الأردن خلال خمسينيات القرن الماضي كانت متقدمة عما نعيشه اليوم
*-طالب بتعديلات دستورية تجسد مبدأ “الشعب مصدر السلطات” ورؤية وطنية لمعالجة الأزمات الداخلية وإعادة رسم السياسة الخارجية بما يحقق مصالح الدولة
-دعا لإعادة النظر بكافة الاتفاقيات_المضرة بمصالح الأردن ووقف التغول الأمني على الحياة السياسية والعامة
*-طالب باتخاذ عدة إجراءات لتوفير المناخ الإيجابي لحوار وطني جاد ومسؤول
*بيان صادر عن المكتب التنفيذي لحزب جبهة العمل الإسلامي بمناسبة مئوية الدولة الأردنية
يحتفي الشعب الأردني اليوم بدخول المئوية الثانية من عمر الدولة الأردنية وسط تحديات إقليمية وداخلية حرجة ودقيقة تتطلب مراجعة عميقة وجادة للمسار السياسي والاقتصادي والنهج القائم في إدارة شؤون البلاد، بما يؤسس لمرحلة جديدة يكون الشعب فيها شريكاً فاعلاً في عملية صنع القرار، تلتحم فيها الإرادة الرسمية مع الشعبية بما يشكل عنصر القوة الرئيس للأردن في وجه التحديات.
مائة عام عاشها الأردنيون من البناء والتأسيس لمؤسسات الدولة وترسيخ دعائم استقرارها رغم قلة الموارد وصعوبة التحديات، وسطر فيها الشعب والجيش العربي تضحياتهم في سبيل الدفاع عن الوطن وتحقيق رفعته وتقدمه وكرامة أبناءه.
تأتي هذه المناسبة في وقت يواجه فيه وطننا الحبيب تفاقم الأزمات الداخلية والخارجية في مختلف المجالات، فمن تدهور للواقع الاقتصادي وتفاقم لعجز الموازنة والمديونية العامة التي بلغت نحو 50 مليار دولار، وهجرة الكثير من الاستثمارات المحلية والخارجية، واستمرار لنهج الجباية على حساب جيب المواطن الذي أثقلت كاهله سياسات رفع الأسعار والضرائب، وتفاقم مشكلة البطالة لتبلغ 25% وفق الإحصائيات الرسمية، في ظل غياب رؤية اقتصادية واضحة لمعالجة ما يمر هذه الواقع الاقتصادي المؤلم.
كما شهد الأردن خلال العقود الثلاث الماضية لا سيما مرحلة ما بعد توقيع اتفاقية وادي عربة تفكيكاً لمنجزات الدولة وإضعافاً لمؤسساتها ضمن نهج قاده رجالات وادي عربة الذين أرهقوا الدولة الأردنية وكبلوا الاستقلال السياسي والاقتصادي وأضعفوا أدوات الدولة وفرطوا بمؤسساتها الحيوية، لإضعاف الأردن في مواجهة المشروع الصهيوني واستحقاقاته التي تهدد الوطن دولة وقيادة وشعباً.
مرحلة شهدت تراجعاً في مختلف القطاعات الحيوية في الأردن وفي مقدمتها الصحة والتعليم بعد أن كانت نموذجاً يحتذى به على مستوى المنطقة، وما يمر به الأردن من ضعف في مواجهة وباء كورونا إلا دليل على حجم هذا التراجع، نتيجة ما تشهده مؤسسات الدولة من اختلالات وترهل وتفاقم لحالة الفساد الإداري والمالي الذي بات ينخر في مؤسسات الدولة، إضافة لتفاقم المشاكل الإجتماعية وحالة الفقر ومن ذلك ارتفاع عدد المتورطين في جرائم المخدرات الذين تم ضبطهم خلال العام 2020 إلى نحو 30 ألف شخص بين قضايا التعاطي أو الاتجار.
كما إن ما مر به الأردن عبر تاريخه من حالة سياسية ديمقراطية في خمسينيات القرن الماضي ومطلع التسعينييات شكل حالة ديمقراطية متقدمة عما تمر به الحالة السياسية والحزبية اليوم من انسداد وغياب الأفق وتفاقم للاحتقان السياسي في ظل استمرار نهج إضعاف مؤسسات الدولة، وتفاقم فجوة الثقة بينها وبين الشارع الأردني، عبر التغول على مجلس النواب والتلاعب بالإرادة الشعبية، ومواصلة تشكيل الحكومات على أساس المحاصصة والاسترضاء والتنفيعات، والتضييق على الأحزاب والنقابات المهنية، وتراجع الحريات العامة وحرية الصحافة ومواصلة نهج الاعتقالات السياسية وتكميم الأفواه، والفشل في إنتاج مؤسسات إعلامية وطنية تكون على مستوى الأحداث بعيداً عما يعيشه الإعلام الرسمي من حالة ضعف عند كل منعطف يمر به الوطن، الأمر الذي أضر بصورة الأردن على المستوى الدولي، لا سيما في ظل تواتر التقارير الدولية التي تؤكد تراجع ترتيب الأردن في مختلف المؤشرات وتصنيفه كدولة سلطوية وغير حرة، إضافة لتراجع دوره الإقليمي وما يواجهه من استهداف لمصالحه العليا في المنطقة.
لذا فإن الأردن وهو يقف على أعتاب المئوية الثانية لهو أشد ما يكون بحاجة لاستعادة الروح والإرادة التي بنت مؤسسات الحكم، ومعالجة تشوهات دستورية وقانونية واقتصادية وثقافية ألمت به في الربع الأخير من المئوية الأولى، وردم فجوة الثقة بين مؤسسات الدولة والمواطن الأردني، وبناء عقد إجتماعي جديد يكرس المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار، وتغيير النهج السياسي القائم، ووقف التغول الأمني على الحياة السياسية والحزبية والنقابية ونهج تغييب رجالات الدولة من أصحاب الكفاءة والنزاهة ممن يعبرون عن الإرادة الشعبية.
إن تشكيل حكومة سياسية مؤقتة من رجالات وطنية من أصحاب الكفاءة، بات ضرورة ملحة للأردن أمام هذه التحديات المصيرية، فالوطن لا يملك ترف الوقت في استمرار نهج المماطلة والتسويف بتحقيق الإصلاح الشامل المنشود، مع ضرورة أن تستند هذه الحكومة لإرادة سياسية جادة مدركة لضرورة تغيير النهج القائم لتقود عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفق رؤية وطنية واستراتيجية توافقية بين مختلف القوى الوطنية على أساس النقاط التالية :
1)إجراء تعديلات دستورية تجسد مبدأ “الشعب مصدر السلطات”، وتعديل القوانين الناظمة للحياة السياسية وفي مقدمتها قوانين الإنتخاب و الأحزاب والإدارة المحلية، بما يفرز مجالس نيابية ومحلية تعبر عن الإرادة الشعبية وصولاً إلى حكومات برلمانية منتخبة ذات ولاية عامة.
2)بناء استراتيجية ورؤية وطنية لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية بما يكرس الوحدة الوطنية ويعزز تماسكها ويحمي هوية المجتمع العربية والإسلامية في وجه ما تتعرض له من مؤامرات، وإعادة تقوية مؤسسات الدولة التي تمثل قوتها قوة للدولة والمجتمع، وتحقيق قيم العدل والحرية والمساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الوطن.
3)إعادة تشكيل السياسية الخارجية وعدم الارتهان لسياسة المحاور والتحالفات، وذلك بما يخدم المصالح الوطنية للأردن ومصالح الأمة ويعزز الدور الأردني في محيطه العربي والإسلامي، وعلى قاعدة أن المشروع الصهيوني هو العدو الأول للأردن والأمة ومصدر التهديد الأساسي له، والتمسك بالثوابت الأردنية تجاه القضية الفلسطينية ودعم صمود الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال الصهيوني.
4)إعادة النظر بكافة الاتفاقيات التي تضر بالمصالح الوطنية والسيادة الأردنية وفي مقدمتها اتفاقية وادي عربة وما تبعها من اتفاقيات التطبيع وفي مقدمتها اتفاقية الغاز، إضافة للاتفاقية الدفاعية الموقعة مع الولايات المتحدة.
5) وقف حالة التغول الأمني في مختلف مناحي الحياة السياسية والحزبية والنقابية والحياة العامة، وتكريس جهد المؤسسات الأمنية في إطار الدستور وحماية الدولة وحفظ المجتمع وبما يصون الحريات والحقوق المدنية، وتعزيز دولة القانون والمؤسسات ووضع رؤية وطنية لمعالجة ظاهرة الفساد الذي ينخر في مؤسسات الدولة، واستعادة مقدرات الوطن ومحاسبة الفاسدين.
ويرى الحزب أن المدخل الأساسي لتحقيق هذه الرؤى يتحقق عبر طاولة حوار وطني جاد يجتمع فيه الكل الوطني لرسم خارطة طريق توافقية للمرحلة القادمة على أساس تحقيق الإصلاح الشامل، الأمر الذي يتطلب تهيئة مناخ إيجابي من خلال فكفكة الأزمات الداخلية القائمة عبر عدة إجراءات ومنها :
1-طيّ صفحة الاعتقالات السياسية والإفراج عن جميع المعتقلين على خلفية قضايا حرية الرأي والتعبير أو نشاطهم السياسي والحزبي والنقابي ونشطاء الحراك المطالب بالإصلاح ووقف الملاحقات الأمنية وممارسات التضييق التي تتم بحقهم.
2-تحقيق انفراجة حقيقية في ملف الحريات العامة ووقف نهج التغول الأمني في الحياة السياسية والنقابية، وحالة استهداف الأحزاب والنقابات ودورها الوطني، والتراجع عن جميع الإجراءات المتخذة بحق نقابة المعلمين بما في ذلك القرارات التعسفية بإحالة عشرات المعلمين للتقاعد المبكر والاستيداع والنقل التعسفي.
3-وقف حالة تعطيل الانتخابات النقابية الداخلية، والتراجع عن الإجراءات المتخذة بحق حزب الشراكة والإنقاذ ووقف سياسية التضييق الأمني بحق نشطاء العمل الحزبي والنقابي، وتعديل التشريعات التي تستهدف حرية المواطنين وحقوقهم وفي مقدمتها قانون المطبوعات والنشر وقانون الجرائم الالكترونية وقانون محكمة أمن الدولة وقانون مكافحة الإرهاب وغيرها من القوانين التي تضيق على الحريات التي كفلها الدستور.
لذا وإن حزب جبهة العمل الإسلامي إذ يؤكد وقوفه في خندق الوطن والدفاع عنه وخدمة شعبه ودينه وأمته، فإنه يؤكد على أن الأردن ومع دخوله المئوية الثانية يقف على مفترق طرق يحدد مستقبل الدولة وأبناءها، فإما تجاوز ما نمر به من أزمات والانطلاق نحو مرحلة النهوض والتنمية وتحقيق رفعة الوطن وازدهاره عبر الانحياز للإرادة الشعبية وتحقيق الإصلاح المنشود، أو الغرق في حالة من الأزمات الداخلية واستمرار حالة التراجع في مختلف المجالات الأمر الذي سيدفع ثمنه الوطن والمواطن، سائلين المولى عز وجل أن يحفظ الأردن حراً أبياً كريماً قوياً بأبناءه وشعبه العظيم.
حزب جبهة العمل الإسلامي
#عمان 11-4-2021